مريض السكري: افطر في أي وقت تظهر فيه علامات الهبوط !
د. خلود البارون = تتنوع الأسئلة المهمة للمصابين بمرض السكر، إمكانية وأمن صيامهم من الناحية الصحية، فيأتي المراجعون إلى عيادات السكر ليسألوا الطبيب: هل يمكنني الصيام في رمضان؟.
وهو سؤال جوهري، ويقع على عاتق الطبيب تحديد الإجابة وإجازة الإفطار له أو الصوم.
أن الإجابة على مثل هذه الاسئلة تعتمد على ثلاثة امور مترابطة هي: المريض والطبيب والمرجع الديني.
الكثير من الأطباء يمنعون الصيام من دون حاجة، أو يسمحون به في حين تكون صحة المريض على المحك من منطلق الخوف من منعه. وكثير من المراجع الدينية يكونون صارمين ويحسسون المصاب بوجوب صيامه، في حين أن الدين أعطى للمريض المتضرر من الصيام رخصة الإفطار.
والأساس هو حدوث اتفاق وشفافية ما بين الطبيب ورجل الدين حول قرار جواز صيام المريض من عدمه، ويعتمد ذلك على ثقافة ومعرفة المريض بكيفية توصيل المعلومات بشكل دقيق ما بين الطبيب والمرجع الديني. ولا بد من إطلاع الطبيب على رأي المرجع الديني للمصاب.
,وعلينا ان ننصح المصاب بالسكر بأن يضع ورقة وقلما أمامه، ثم يسجل كل مرض تم تشخيص إصابته به، ويسجل بجانبه الأدوية التي يأخذها لعلاجه مع جرعاتها ومواقيتها.
هذه الخطوة المهمة تساهم في تعريف المصاب بجميع العقاقير التي يتناولها ومواقيتها وجرعاتها، ليزداد وعيا وإدراكا بحالته وللنوعيات العقاقيرية التي يتناولها. فمن الوارد أن يشعر المريض بالحيرة والتهاون حول عدد العقاقير التي يتناولها أو مواقيتها أو جرعاتها، لذلك فإن تسجيلها وترتيبها في ورقة يساهم في توضيح الأمور للمريض والطبيب أيضا عند عرضها عليه قبل تحديد جواز الصيام.
قبل الصيام
هناك بعض الإرشادات الطبية التي يجب أن يأخذها المريض بعين الاعتبار قبل الصيام:
- مناقشة أمر الصيام مع الطبيب قبل الإقبال عليه، لمعرفة إمكانية تعديل علاجات المصاب العقاقيرية لتتناسب مع مواقيت الإفطار. بشكل عام، يتم تحويل أدوية الإفطار (الريوق) إلى فطور الصائم، وأدوية الغداء إلى وجبة «الغبقة»، بينما تعادل وجبة السحور وجبة العشاء.
- قد يغير الطبيب بعض العقاقير، إذ تتوافر حاليا نوعية جديدة من العقاقير التي تحتوي على خليط من الأدوية (عقاران في حبة واحدة) وعقاقير لها مفعول طويل الأمد، ويساهم استخدامها في تقليل عدد الحبوب المتناولة في رمضان وتقليل عدد الجرعات اليومية.
قياس سكر الدم
إذا كان مريض السكر يريد صياما ناجحا، فلا بد من التعود على فحص نسبة سكر الدم في فترات متعددة خلال اليوم للتأكد من ملاءمة الخطة العلاجية له وقدرته على التحكم باستقرار سكر الدم. مثل:
- منتصف النهار (1 ظهرا).
- قبل الإفطار.
- بعد الإفطار بساعة.
- بعد الغبقة.
- قبل السحور.
وأهمها فحص الدم في منتصف النهار لتحري حدوث الهبوط المضر بالصحة. وليس لزاما أن يخضع المريض لجميع القياسات في يوم واحد، بل يفضل أن يقوم بها في بداية رمضان على الأقل، وبعد ذلك يتم اثنان أو ثلاثة منها فقط.
أعراض الهبوط
- التعب العام.
- الارتباك وفقدان القدرة على التركيز.
- التعرق.
- خفقان القلب.
- رعشة اليدين.
- الإحساس بالجوع.
- بالنسبة للكبار قد يسبب الأمر تعب القلب وصعوبة التنفس أو الألم الصدري.
- الإغماء وفقدان الوعي، وإن لم يتناول شيئا، قد يصاب بنوبة تشنج (الصرع).
علاج فوري للهبوط
إن أمكنه تناول وبلع الطعام، فيعطى حبتين من التمر أو قطعة سكر أو ماء مذاب به سكر أو عصير أو سكاكر، فهي من فئة السكريات السريعة الامتصاص. ولا ينصح بأن يتناول قطع الكاكاو، لأن احتواءها على الدهون والحليب سيبطئ من سرعة امتصاص السكر.
إن كان الشخص المصاب بهبوط السكر، خصوصا إن كان يعالج بحقن الأنسولين، مغمى عليه، فلا يمكنه بلع أي شيء. وأفضل حل هو حقنة الجلوكاجون، التي لا بد من أن يحرص المريض على وجودها في البيت وأخذها معه أينما ذهب، مع تعليم من يرافقه كيفية استخدامها عند الضرورة. وهي حقنة بسيطة تعطى بطريقة حقن البنسلين نفسها. وفي حال عدم توافر الحقنة، توضع تحت لسانه قطعة من السكر أو ينثر حول فمه.
للحامل: لا تغامري
بالنسبة للحامل المصابة بالسكر، سواء كانت مصابة به قبل الحمل أو اثناءه (سكر الحمل)، فلها رخصة الإفطار بشكل خاص لوقايتها من أي ضرر على الجنين أو الحمل. لكن يلحظ بأن بعضهن يصمن، خصوصا من تكون حالتهن خفيفة ومسيطر عليها. وهنا من الضروري الدقة في مراقبة حالتهن الصحية وتكرار إجراء التحليل المنزلي والإفطار عند الاحساس باي تعب او ملاحظة هبوط نسبة السكر او ارتفاعه. و على المريض قصد الطبيب لاستشارة عن ملاحظة اي خلل.
كما لا يغفل هنا الاشارة بأن صيام الحامل يعرضها وجنينها لمضاعفات الاختلال في معدل سكر الدم. فيجب ان تعلم الأم ان ارتفاع سكر الدم يعرض جنينها لمضاعفات صحية، فيما ان انخفاضه يعرضها لمضاعفات صحية خطرة. والحامل التي تصوم رغما عن نصيحة الطبيب بالإفطار فهي تغامر بحياتها وحياة الجنين، وهذا أمر لا يجوز.
من يمكنه الصيام؟
- مريض السكر من النوع الثاني المعالج على أساس تنظيم التغذية وممارسة الرياضة يمكنه الصيام، بل قد يكون مفيدا له إن ساهم في تخفيض الوزن.
- كل مرضى السكر من النوع الثاني وممن لا يعانون إصابة بأمراض أخرى، خاصة إن كانت خطتهم العلاجية تعتمد على تناول الحبوب أو حقنة (جرعة) أنسولين واحدة، فيمكنهم الصيام. لكن طبعا مع التقيد بالإرشادات الطبية.
- مرضى السكر من النوع الثاني المصابون بأمراض أخرى مثل أمراض القلب والشرايين والكلى والكبد والمضاعفات المرضية، ويتناولون علاجات لها، فهؤلاء بصفة عامة لا يسمح لهم بالصيام.
- مرضى السكر من النوع الثاني ممن يجب عليهم تناول 3 أو 4 جرعات من حقن الأنسولين، لا يسمح لهم بالصيام نظرا لعدم استقرار معدل سكر الدم لديهم.
- مرضى السكر الذين يستخدمون مضخة الأنسولين، فلو كان معدل سكر الدم لديهم منتظما يمكن في بعض الحالات السماح جوازا بالصيام لعدد من الأيام، وإن كان الأمر لا يخلو من المجهود والصعوبة.
- المصابون بالسكر من النوع الأول، الإجماع العام هو بعدم قدرتهم على الصيام وبضرره على صحتهم، لذا يمنعون من الصيام. ولكن هنالك بعض الحالات الاستثنائية التي يجاز لها.
ومن منطلق انضمامي كعضو في مجمع الفقه الإسلامي، فقد خلصنا إلى إصدار تقرير كامل عن حالة مرضى السكر والصيام، وبشكل عام أقر لمرضى السكر من النوع الأول بالإفطار، لأنهم يحتاجون إلى اخذ العديد من الحقن خلال اليوم مع تناول الطعام وإلا ساءت أحوالهم الصحية كثيرا.
كيف ينجح الصيام ؟.
يشترط لنجاح الصيام من الناحية الدينية أن ينجح من الناحية الصحية والجسدية في الحفاظ على صحة المصابين بالسكر. فالمصاب الذي يكون صيامه غير ناجح في حفظ استقرار معدل سكر الدم يرافقه تضرر الصحة عموما مع الشعور بالكسل والخمول والتعب، ما يفسر عدم استطاعته ممارسة واجبات رمضان، مثل الصلاة وقيام الليل وقراءة القرآن، وغيرها من أعمال دينية، كما أن الإضرار بالصحة أمر منعه ديننا الحنيف.