قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةَ كَهَذِهِ مِنْ هَذِهِ، أَوْ كَهَاتَيْنِ، وَقَرَنَ بَيْنَ السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى»[متفق عليه، واللفظ للبخاري]. المقصود من هذا الحديث أنه لا نبي بين محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وبين الساعة؛ خصيصة محمدية اختُص بها من دون سواه. وليس المقصود المدة الزمانية التي بين البعثة وبين الساعة.
ودورة النبوة لها شقان:
• الأول: من آدم عليه السلام إلى البعثة المحمدية؛ وهذا الشق هو شق النيابة عنه صلى الله عليه وآله وسلم. والنواب هنا، هم كل من عداه من الأنبياء عليهم السلام. وفي هذا الشق، كان الناس يترقبون مجيء محمد صلى الله عليه وآله وسلم ليتشرف الوجود بمقدمه؛ لأنه الصورة الإلهية الكبرى، التي أسجد الله لها العوالم كلها، كما أسجد الملائكة لصورة آدم، وهي نسخة عنها.
• الثاني: من البعثة المحمدية إلى قيام الساعة؛ وهذا هو شق الخلافة عنه صلى الله عليه وآله وسلم. والخلفاء هم ورثته صلى الله عليه وآله وسلم، من أمته الخاصة. أما الأمة العامة، فهي البشرية جمعاء؛ ولهذا المعنى جاء قول الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}[سبأ: 28]. وفي هذا الشق، صار الناس يترقبون الساعة التي هي إيذان بلقاء الله تعالى.
فكانت البعثة المحمدية، هي الفاصلة بين دورتَيْ الزمان اللتين جاء ذكرهما في حديث: «إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ»[متفق عليه]. ولولاه صلى الله عليه وآله وسلم، ما كان صدور ولا رجوع. فالحمد لله على نعمة خلق سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، والشكر لله على بعثته؛ رزقنا الله شفاعته وجميع أمته. آمين.