كتب الداعية الشيخ محمد عبيد حفظه الله تعالى:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه
وبعد
موضوعنا اليوم عن صورة انتشرت في مختلف الأقطار الإسلامية، وتلقاها كثير من الناس على أنها صورة قبر النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم، حتى وجدنا البعض روّجها وزعم أنها الصورة الوحيدة لقبر النبي وأخذت في القرن التاسع عشر وهي محفوظة في متحف بريطاني !!!
وقيل مرة إن هذه الصورة مرسومة بيد رسام تركي رأى قبر النبي في المنام فرسمه كما رآه، ولا أخفي أن الشك داخلني في أمرها إلى أن تبين لي قطعًا أنها ليست صورة قبر النبي ، إنما هي صورة قبر السلطان عثمان خان رحمه الله، المدفون في مدينة بورصة التركية.
قد يكون كلامي صاعقا لبعض من ألِف هذه الصورة وأنس بها، لكن فلننظر هل يثبت ادعاء أنها صورة قبر النبي أمام النقد الواقعي لها.
أولا: قيل إنها محفوظة في متحف بريطاني! وهنا أسأل: كيف انتقلت إلى بريطانيا ولم تضم إلى مجموعة الآثار النبوية المحفوظة في اسطنبول. فهل زهدت الحكومة العثمانية بهذه الصورة إلى درجة تسليمها لعدوها البريطاني، وهي المعروفة (أي السلطنة العثمانية) بشدة العناية بآثار الرسول ؟
ثم ما اسم هذا المتحف؟
ولم لا نرى صورة موثقة صادرة عنه إن كان فعلا يحتفظ بصورة حقيقة لقبر رسول الله
ولم لم نسمع من أحد أنه قصد هذا المتحف ورآها بعينه معروضة فيه (مع كثرة السواح العرب والمسلمين في بريطانيا).
ثانيا: إن المسجد النبوي الشريف رمم وأعيد بناؤه في عهد السلطان العثماني عبد المجيد خان رحمه الله، وقد دون المؤرخون لهذا الحدث الكبير فنقلوا تفاصيل البناء بشكل دقيق، ومنهم الشيخ جعفر البرزنجي صاحب كتاب نزهة الناظرين في مسجد سيد الأولين والآخرين، ولم نجده ذكر أن السلطان وضع صندوقا خشبيا على قبر سيدنا النبي كما يظهر في هذه الصورة.
ثالثا: إن القبر الذي في الصورة بني على الطرز العثماني المعهود في بناء قبور السلاطين، فإن قيل: هم بنوا على قبر النبي كما بنوا على قبور سلاطينهم وبنفس الأسلوب، أقول: فلم لم ينقل لنا المؤرخون هذا الحدث الكبير إن كان صحيحًا؟
رابعًا: من المعلوم أن حجرة النبي تضم قبره الشريف وقبرَي صاحبيه ووزيريه أبي بكر وعمر رضي الله عنهما (أي ثلاثة قبور فقط)، بينما يظهر في هذه الصورة أربعة قبور! القبر الكبير في الوسط، وقبر أصغر منه على يسار الصورة (وهو المشار إليه برقم 1) وقبر أصغر بين القبرين (هو المشار إليه برقم 2) وقبر عن يمين الصورة (وهو المشار إليه برقم 3) فيكون المجموع أربعة قبور، أي إن هذه الصورة ليست لحجرة النبي قطعًا. خامسًا: يظهر في الصورة نوافذ وستائر (هي المشار إليها برقم 4) والذي نعرفه أن حجرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ليس فيها مثل هذه النوافذ، وأيضًا توزيع النوافذ يُظهِر أن الغرفة التي تضم هذه القبور مثمنة الأضلاع، وهو ما ينطبق على مدفن السلطان عثمان ولا ينطبق على حجرة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. سادسًا: الثريا المعلقة فوق القبر (المشار إليها برقم 5) مطابقة للثريا المعلقة فوق قبر السلطان عثمان. وهنا صورة فوتوغرافية حديثة لقبر السلطان عثمان خان رحمه الله، قارنوا بين الصورتين لتجدوا أنهما صورتان لنفس القبر، وليست صورة لقبر الرسول .
سابعًا وهو الدليل القاطع: الكتابة الموجودة على واجهة الضريح (المشار إليها برقم 6 في الصورة السابقة) تبين وتؤكد أن هذا القبر ليس قبر رسول الله ، فإن من جملة ما كتب: "السلطان الغازي أبو الفتوحات والمغازي عثمان خان أسكنه الله فسيح جناته"وهذه صورة مقربة للكتابة