مملكة النساء في الصين
من أغرب المجتمعات التي تحكمها العلاقات الاجتماعية الخارجة عن المألوف هو مجتمع قبائل الـ (موسو \ Mosuo) في الصين, والتي يمتد وجودها وعاداتها لأكثر من ألفي عام في منطقة بحيرة لوغو جنوب الصين. ما يميز هذا المجتمع عن غيره كون أن النساء هن الآمر الناهي في هذا المجتمع ويعود لهن الفصل في الأمور السياسية والسيادية وأيضا التشريع في العقيدة الأخلاقية للمجتمع أما الرجال فكل ما يملكونه لا يزيد عن دور ثانوي و مهمش, فهم لا حول لهم ولا قوة, بل انه لا يسمح لهم بالسكن في بيوت النساء وانما ياتون لزيارتهم في الليل فقط حتى أن لغتهم لا تحتوي كلمة “أب”. المزيد من التفاصيل العجيبة عن هذه القبيلة في هذا الموضوع.
في قبيلة موسو، والتي يبلغ تعداد أفرادها ما بين ثلاثين إلى خمسين الف شخص، المرأة هي الحاكم و المالك الوحيد في العائلة, وعند الموت تنتقل جميع الممتلكات من الأم الى بناتها فقط ! و ليس للذكور أي نصيب في الورث سواء بالممتلكات أو بالنقود , حتى أن الرجال في حال رغبت أي من النساء بهم, لا يغادرون بيوت أمهاتهم بل يبقون فيها ويعود الرأي للنساء في البقاء بيوتهن أو الإنتقال معهم عند أمهاتهم. وعند إنجاب الأولاد فإنهم يعيشون مع أمهاتهم, فليس للآباء حق في حضانة أي منهم مهما كانت الظروف, لذا فإنه لا توجد أي قيمة أو معنى للزواج عند هذه القبيلة, وبات الرجل وسيلة لإنجاب الأطفال لا أكثر.
رجال مجتمع الموسو.
لا يملكون الا المراقبة ! .
ليس هذا فحسب بل إن الزواج أمر غير معترف به هناك, فعندما يقع رجل في حب أمراة يزورها ليلا في بيتها في نوع من أنواع الزواج يطلق عليه إسم (الزواج السيار \ Walking Marriage) حيث يحق للمرأة أن تقبل به أو تطرده من منزلها, فالعواطف و الروابط لا مكان لها في مجتمع يحرم مشاعر الألفة و المودة في الرباط الشرعي بين الزوجين لكي لا تسيطر عليها مشاعرها فتعود لحكم الرجل !!.
بعكس معظم المجتمعات في الصين حيث تدفن البنات حية في بعضها، تفرح قبيلة الموسو بقدوم المواليد الإناث كثيرا, وتقيم الاحتفالات لذلك. الفضول لاكتشاف هذا المجتمع الغريب جعل من منطقة بحيرة لوغو وجهة سياحية يرتادها مئات الآلاف من السياح من الصين وغيرها كل عام.
يصطلح في علم الإجتماع على هذا النوع من المجتمعات “الأنوثية” بإسم (ماترياشي \ Matriarchy) وهي مجتمعات يسود فيها حكم المرأه وبالأخص الأمهات وكما ذكرنا في البداية فإنه يعود لهن غالبية الحكم وأمور الحل والربط في مختلف نواح الحياة والغريب أنه يمارس في أكثر من ثلاثين مكانا في العالم من قبل مجتمعات مختلفة في أماكن متفرقة من أرجاء العالم.
في الختام، هناك تساؤل لا بد أنه يجول في خاطر بعض القراء, وهو ما مدى رضى الرجال هناك عن هذه الطريقة الغريبة من الحياة؟
الرجال في قبيلة موسو راضين كل الرضا عما هم عليه و لا يسعون لأي تغيير حتى أن الحكومة الصينية لا تنوي التدخل بسبب هذا الرضا و عندما يسأل الرجل هناك فإنه يجيب بكل فخر أنهم يسرقون النساء فقط و ليس ما يملكن !! مرة أخرى, إنها العادات والتقاليد!