أفراح حقيقية ..... زيجات مميزة
يظن البعض بأن معاني الفرح لا تكتمل ولا تكون إلا في تحقيق معاني الإسراف والترف في
الأفراح، فتكون تكاليف الزفاف فقط كافية لإطعام حي فقير بأكمله، فيبالغون بهذه الأمور ظنا
أنها هي التي تجلب السعادة.
والبعض يضع شروطا قاسية وقائمة طويلة لمتطلباته الخاصة والتي يريدها لزوجة العمر،
ويقضي عمره باحثا عنها، فإذا وجد الصفات المقاربة لشروطه اكتشف بعد مرور الوقت بأنها
كانت صفات زائفة، فحياته أصبحت جحيما والزوجة الجميلة أو الثرية أو ذات الحسب التي
اختارها لنفسه لا تصلح لأن تقوم بمهام الزوجة!.
المشكلات الزوجية في تزايد ، وذلك لأننا سلكنا الطريق الخطأ في الاختيار، وظننا بأننا
وجدنا الفرح عندما وجدنا مواصفاتنا قد انطبقت على فتاة معينة، فإذا الفرح ينقلب
لتعاسة....وإذا بنا نركض خلف سراب...
سأورد ثلاث قصص رائعة لأزواج وزوجات تميزوا في طريقة اقترانهم ببعضهم البعض ::::
القصة الأولى:
في أحد الأيام دخل صاحب أحد البساتين بستانه، وطلب من حارسه أن يحضر له رمانة
حلوة الطعم، فذهب الحارس وأحضر حبة وقدمها لسيد البستان، وحين تذوقها الرجل
وجدها حامضة!فقال له: قلت لك أريد حبة حلوة الطعم...أحضر لي رمانة أخرى..
فذهب الحارس مرتين متتاليتين وفي كل مرة يكون طعم الرمان الذي يحضره حامضا.
فقال صاحب البستان للحارس مستعجبا: إن لك سنة كاملة تحرس فيها هذا البستان، ولا
تعرف مكان الرمان الحلو؟
فقال حارس البستان: لقد طلبت يا سيدي مني أن أحرس البستان، لا أن أتذوق الرمان،
فكيف لي أن أعرف مكان الرمان الحلو؟
فتعجب صاحب البستان من أمنة هذا الرجل وأخلاقه، فعرض عليه أن يزوجه ابنته وتزوج هذا
الرجل من تلك الزوجة الصالحة ...وكان ثمرة الزواج فقيه وعالم دين خدم هذا الدين.
نستشف من القصة رقي تفكير صاحب البستان، إذ أنـه لمـس الأمانة والصدق في حارس
بسيط، تمناه لابنته زوجا، وقد عرض عليه أن يتزوج بها إذا أنه أيقن بأنها ستسعد مع رجل
كهذا، وبأنه الأنسب والأقدر على إسعادها في الدنيا والآخرة...
لم يترفع، ولم يشترط مبالغا طائلة لتكون مهرا لابنته، بل إنه عرف بأنه هو من حصّل الكنز
والغنى في صهرا كهذا.. وها هي الثمرة تحلو في ولادة أحد أعلام الفقه والدين وشعاع من
النور للأمة الإسلامية.
القصة الثانية:
بينما كان رجل يسير بجانب بستان جميل وجد تفاحة ملقاة على الأرض، تناولها وأكلها.
ثم حدثته نفسه بأنه أتى على شيء ليس من حقه، فأخذ يلوم نفسه، وقرر أن يرى
صاحب هذا البستان فإما أن يسامحه في هذه التفاحة أو أن يدفع له ثمنها...
وذهب الرجل لصاحب البستان وحدثه بالأمر، فاندهش صاحب البستان لأمانة الرجل..
وقال له: لن أسامحك في هذه التفاحة إلا بشرط، وهو أن تتزوج ابنتي..
واعلم أنها خرساء عمياء صماء مشلولة..إما أن تتزوجها، أو اعلم أنني لن أسامحك في
هذه التفاحة، فكر الرجل كثيرا، فوجد نفسه مضطرا للموافقة..
لقد قارن بين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة: فرأى أن عذاب الدنيا لا يلبث وينقضي فوافق
مضطرا على هذه الصفقة.
وحين حانت اللحظة التقى الرجل بتلك العروس..وإذ بها آية في الجمال والعلم والتقوى...
فاستغرب كثيرا ...لماذا وصفها أبوها بأنها صماء مشلولة خرساء عمياء...
فقال أبوها: إنها عمياء عن رؤية الحرام، خرساء صماء عن قول وسماع ما يغضب
الله...وقدماها مشلولة عن السير في طريق الحرام..
وتزوج هذا الرجل بتلك المرأة وكان ثمرة هذا الزواج العظيم : الإمام أبي حنيفة .
وها هي القصة الثانية تتحدث بوضوح لغة رائعة وتبين بجلاء بأن الله لا يضيع أجر من أحسن
عملا.
ها هو الضمير الحي وها هي الأمانة وحسن الخلق تقود كلها إلى الخير بنهاية سعيدة،
وذرية صالحة!
القصة الثالثة:
في جوف الليل والناس نيام، كانت عينا أم وابنتيها ساهرتين تجهزان لعمل الغد، وكانت الأم
تنادي ابنتها تأمرها بخلط اللبن بالماء، وتجيب الفتاة بأن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب قد
منع الغش وخلط اللبن بالماء..
فتتابع الأم قائلة بأن عمر لا يرها..
وتمتنع الأم يمنعها الإيمان والتقوى... وتقول كلماتها الشهيرة..
يا أماه إذا كان عمر لا يرانا، فأن الله يرانا.
وسمع أمير المؤمنين عمر كلام هذه البنت التقية، وعاد إلى بيته، فحدث أولاده بما سمع،
وزوجها ابنه عاصم، وكانت ثمرتهما الجد طيبة الخليفة الخامس عمر بن عبد العزيز!.
الله أكبر! ، الله أكبر! ، الله أكبر!
خليفة المسلمين يختار لابنه زوجة بسيطة ...ابنة بائعة اللبن الفقيرة، لم يكن يعرف
اسمها حتى... ولا اسم عائلتها، لم يبحث عن حسبها ونسبها، إنما حركت قلبه كلماتها
المؤمنة وثباتها على الحق فتمناها لابنه زوجة! فهل ترانا ننتقي بذات المنظار، وهل نبحث
في اختياراتنا عن فتيات من هذا المعدن الأصيل؟!
من تجميع أخت ..... جزاها الله خيرا