فوق تل من تلال غابة نائية , كان يعيش شيخ مع ابن له و جواد .. ذات صباح هرب الجواد و اختفى , فأقبل الجيران على الشيخ يعزونه في نكبته بفقد جواده ... فقال لهم الشيخ
- ومن أدراكم أنها نكبه ؟
فصمتوا و انصرفوا واجمين ! .. و لم تمضي أيام حتى عاد الجواد إلى صاحبه من تلقاء نفسه , لا وحده , بل مصطحبا معه عددا من الخيول البرية .. فعاد الجيران إلى الشيخ فرحين بهذا الغنم الوفير و هنأوه على هذا الحظ السعيد ... فنظر لهم الشيخ بهدوء و قال لهم
- و من أدراكم أنه حظ سعيد ؟
فسكتوا مذهولين و انصرفوا متحيرين , و مرت الأيام .. و جعل ابن الشيخ يروض الخيول البرية , فامتطى منها جواد عنيد , فسقط من فوق صهوته , فكسرت ساقه ... فرجع الجيران مرة أخرى إلى الشيخ محزونين , يبثونه ألمهم لما وقع لولده , و يعزونه في هذا الحظ العاثر .... فقال لهم الشيخ برفق
- و من أدراكم أنه حظ عاثر ؟
فإنصرفوا صامتين , و مضى العام , و إذا حرب تقوم , وجند الشباب , و أرسلوا إلى الميدان , فلاقى أكثرهم مصرعه , إلا ابن الشيخ فإن العرج الذي بقدمه أعفاه من الذهاب إلى الحرب و أنقذه من ملاقات الموت