شخصية دراكولا
إبتدع برام ستوكر شخصية دراكولا قبل أن يرحل ، هذه الشخصية التي شغلت العالم و ما زالت ترعبه .
من يجهل دراكولا هذا الشخص الأسطوري الذي شغل العالم طوال الأعوام وما زال ، المخيلة الجماعية و الفردية في العالم ؟ و لكن من رغم هذه الشهرة الهائلة التي عرفها هذا (( الشخص )) الغامض و غريب الأطوار ، بعد غزوه عالم السينما و المسرح و الشرائط المصورة ، فما برح الكثيرون يجهلون أنه في الأساس شخصية روائية أبتدعتها عبقرية كاتب كبير هو الأيرلندي برام ستوكر الذي يحتفل العالم بولادته المائة ( 1847 - 1912 ).
رحّب النُقاد و القراء بهذه الرواية ، و لم يتوانوا عن طرح الأسئلة عن الأسرار التي تكمن وراءها و الألغاز التي تختزنها ، خاصة عن طابعها الغريب و الهاجس الدموي اللذين تجسدهما شخصية دراكولا مصاص الدماء .و كان لابد من البحث عن المصدر الذي جاءت منه فكرة هذه الشخصية و ملامحها ؟ و كانت الرواية مثار سيل من المقالات كتبت في إيرلندا و العالم أجمع ، و سعى البعض إلى تأويل الشخصية و الإضاءة على ما تمثل من رموز و هي بحق شخصية ملتبسة جدا ، تجمع بين البعد الفانتازي و الرعب و بين الغرائبية و التخيل الرهيب .
كشف حفيد الكاتب ستوكر دانيال فيرسون أن جده كان غريب الأطوار مات و هو مصابا بحال من الشلل العام المرتبط بنوع من الجنون المرضي الذي كان لايزال في بداياته ، من أهم أعماله الروائية :
- رواية (( جوهرة النجوم السبع )) أصدرها عام 1903.
- رواية (( سيدة الخمار ))أصدرها سنة 1909.
-رواية (( مخبأ الدودة البيضاء )) أصدرها سنة 1911.
تدور أحداث رواية الدراكولا في نهاية القرن التاسع عشر و هي تحمل طابع المذكرات التي يسردها البطل الراوي و يدعى جونتان هاركر ، و هو محام شاب يتم تكليفه بمهة الذهاب إلى ترانسلفانيا للقاء الكونت دراكولا المقيم في قلعته المعزولة في منطقة نائية لإنجاز أوراق رسمية تتعلّق بتسجيل ملكيته الجديدة في بريطانيا . و البارز هنا أن المؤلّف أسبغ على شخصية الكونت الكثير من الرزانة العقلية و الدقة في العمل ، و كأنه يدفع القارئ إلى أن يطمئن قبل أن يُصدم به و بترفاته الغريبة و المستهجنة ، بعد أن يمضي لديه بضعة أيام . فخلال هذه الأيام يبدي الكونت تصرفات غريبة ، إضافة إلى أن المحامي لا يجد طعاما في منزله و لا ماء ، و لا يجد إمرأة في حياته ، علاوة على غيابه طوال النهار . ثم تظهر في الرواية الشخصية الثالثة ، هي مينا خطيبة المحامي هاركر و سرعام ما يغرم بها دراكولا، هنا تبدأ قصة حب غير منتظرة بطلها مصّاص الدماء ، الذي يستهل جرائمه مع صديقة مينا التي تتحوّل هي الأخرى إلى مصاصة دماء .
لا تزال هذه الرواية رائدة في أدب الرعب و التشويق العالميين ، و قد وجدت طريقها إلى السينما عبر أفلام مقتبسة عنها ، عطفًا على المسرح و الأوبرا ، .
تجسد الرواية الصراع الوجودي العميق بين قوى الخير و قوى الشّر عبر شخصية دراكولا ، و هي شخصية مركبة تركيبا كيميائيا ، ثم عبر الشخصيات الأخرى التي تجسد مناخات و أفكارا طالعة من العصر الفيكتوري، و سعى الكاتب إلى أن يلقي الضوء على مشاكل إجتماعية كبيرة مثل الفساد و الطبقية ، جاعلا من شخصية (( الدراكولا )) نموذجا للجشع الأرستقراطي .
إستوحى الروائي فكرة الدراكولا من شخصية حقيقية هي الأمير الروماني فلاد داركول الذي كان حاكما على مقاطعة ترانسلفانيا الرومانية في القرن الثامن عشر . و قد أشتهر بعنفه و قسوته و وحشيته و طرائقه الغريبة في القتل و التعذيب ...و يُقال أنه أعدم مئة ألف شخص خلال حكمه .
****:
بقلم / عبده وازن
مجلة دبي الثقافية .